أكبر مكتبة عطرية شخصية في مكة المكرمة
بقلم: علي التميمي
في مساءٍ يعبق بأريج الطيب، حملتني الأشواق إلى أكبر مكتبة عطرية شخصية في مكة المكرمة وصاحبها الصديق أبوسمو، فوجدتها أكثر من ذلك، ويمكنني القول إنها متحف خاص يحتفي بجمال العطور وتاريخها.
عرفتُ أبا سمو منذ سنوات طويلة عبر منصات التواصل والنقاشات العطرية، وتوثقت بيننا علاقة ودّ هي من محاسن هذا الشغف، ولعل عطر Rose Noir Byredo كان وسيط خير بيننا عندما احتاج إليه أبوسمو في مناسبة خاصة عاجلة ولم يجده فأرسل إلي وسألني عنه وهو من العطور التي لا تكاد تنقطع في معرض نجد العذية للعطورات، فوعدته أن يصله خلال فترة وجيزة، فقطعت له بوليصة شحن سريع فوصل العطر خلال ساعات من حوطة بني تميم إلى مكة المكرمة في ذهول منه وعجب وإعجاب، ومنذ ذلك الحين صار لهذا العطر مكانة خاصة في ذاكرتنا نحن الاثنين.
بدأ شغف أبي سمو بالعطور عام 2017، ومع مرور السنوات تحولت الهواية إلى مشروعٍ شخصيٍّ ضخم، حتى بلغ عدد العطور في مكتبته الألف زجاجة من مختلف الدور العالمية، ما بين عطور الماركات العالمية وعطور النيش النادرة.
حين دخلنا مكتبته، غمرنا عبق البخور السيلاني ودهن العود البورمي الفاخر، فمكتبته بالإضافة إلى العطور تحتوي على نوادر من البخور والأدهان، وكلما دار علينا البخور تشدني المباخر من كثرتها وتنوعها، وأغلبها مباخر حائلية يدوية تقليدية، تعكس أصالة الحرفيين وروح التراث السعودي.
لم يقتصر كرم أبي سمو على الطيب فحسب، بل أكرمنا بمائدته العامرة في منزله بحي العوالي، حيث حضر اللقاء عدد من أصحابه الكرام من عشّاق العطور والنوادر، وكان الحديث بيننا لا يخلو من حكايات الروائح وأسرار التراكيب.
ومن بين ما شدّ انتباهي في مكتبته الثرية، الإصدار القديم من لينستانت قيرلان الرجالي، وهو من عطوري المفضلة التي تحمل لمسة كلاسيكية فاخرة. كما لفتتني مجموعته المميزة من دار Les Indémodables الفرنسية، والتي تُعد من العلامات المهمة عند المختصين والمهتمين في هذا المجال.
وفي ختام جلستنا العطرية الحفِية، طلبتُ من أبي سمو أن يرشح لي –وللقراء– مجموعةً من العطور التي يراها جديرة بالتجربة فاختار لنا أربعة عطور من فئة النيش، تحمل كل واحدةٍ منها قصةً ووقعًا خاصًا:
1. Hermann à mes Côtés
2. You Or Someone Like You
3. Isola Verde – Roja Dove
4. Adam & Eve’s Dress
غادرتُ تلك الأمسية وأنا أشعر بأنني لم أزر مكتبة عطور فحسب، بل زرت ذاكرة رجلٍ جمع الطيب ليحفظ به لحظاته، ويروي بها قصصاً تفوح بالعطاء والشغف.
